تدريب المربين على وضع الضوابط بحب وثقة، يمكن أن يحقق نتائج أفضل من العلاجات السلوكية التقليدية

مشاركة المقال:

أظهرت دراسة حديثة تم نشرها في مجلة الأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والبالغين في ٧ مارس الماضي، أن تدريب الوالدين على التواصل الفعال مع أطفالهم ودعمهم ووضع الضوابط بحب وثقة، يمكن أن يكون طريقا أفضل من العلاجات السلوكية التقليدية عندما يتعلق الأمر بالتحديات النفسية والسلوكية التي يواجهها الأطفال.

وحسب الدراسة فقد قام فريق من الباحثين في جامعة ييل باختيار ١٢٤ طفلاً يعانون من القلق المرضي، وتم تقسيمهم عشوائيا إلى مجموعتين، أحدهما تلقت علاجات نفسية تقليدية وأخرى اعتمدت على دعم الوالدين.

حضر المشاركون في مجموعة العلاج التقليدي ١٢ اجتماعًا أسبوعيًا لتعلم استراتيجيات للتحكم في أعراضهم، وخضعوا لعلاجات مصممة لمواجهة مخاوفهم باستخدام تقنية علاجية تسمى exposure therapy  أو العلاج بالتعرض، وهو تقنية في العلاج السلوكي تستخدم في علاج اضطرابات القلق، وتضمن تعرض المريض إلى الشيء أو السياق الذي يخشاه من دون تعريضه لأي خطر، وذلك لمساعدته على مواجهة قلقه ومن ثم التخلص منه.

أما الأطفال في المجموعة الثانية، فلم يتعاملوا مع أي معالج أثناء الدراسة، وبدلا من ذلك تم تشجيع والديهم على التوقف عن تكييف الظروف لأبنائهم، وبدلا من ذلك دعمهم ومساعدتهم على تطوير قدرتهم لمواجهة مخاوفهم بأنفسهم. عن طريق منهجية علاجية اسموها SPACE. وهي اختصار لجملة (Supportive Parenting for Anxious Childhood Emotions) أو الدعم الوالدي لمشاعر القلق المرضي لدى الأطفال. تم في المجموعة الثانية تدريب أولياء الأمور على استبدال استراتيجات التكيف بعبارات الدعم والتعبير عن الثقة في قدرات أطفالهم على التعامل مع القلق بأنفسهم. ويشرح المؤلف الأول والمدير المساعد لبرنامج اضطرابات القلق والحالة المزاجية إيلي ليبوفيتش فكرة البرنامج فيقول: إنه من الطبيعي أن يسعى الآباء إلى تكييف البيئة للتخفيف من شعور أبنائهم بالقلق. فعلى سبيل المثال إذا كانت مشاعر القلق تتزايد لدى الطفل حال وجود ضيوف في المنزل، فقد يتوقف الأهل عن دعوة الضيوف، وبالرغم من ذلك، ووفقا للدراسة، يمكن لهذا الأمر أن يضعف من قدرة الأطفال على مواجهة قلقهم في المستقبل.  أما في برنامج SPACE فقد تم تدريب الآباء والأمهات على اتباع نص يضم عبارات داعمة ومطمئنة لبث الثقة في قدرات أطفالهم على التعامل مع القلق، بدلا من أساليب التكيف المعتادة لأطفالهم الذين يعانون من القلق المرضي.  ويقول النص: “نحن نتفهم أن هذا الأمر يجعلك تشعر بالقلق أو الخوف. نحن نريد منك أن تعرف أن هذا أمر طبيعي تمامًا وأن الجميع يشعرون بالخوف في بعض الأحيان. لكننا نريدك أيضًا أن تعرف أن مهمتنا هي أن نقوم بمساعدتك في مواجهة الأمور التي تصعُب عليك، وهذا بالضبط ما نود عمله. سوف نعمل معا على ذلك لفترة من الوقت. نحن نحبك كثيرًا لدرجة تجعلنا لا نتردد في تقديم المساعدة لك عندما تحتاجها” وقد حصل الباحثون على نتائج مذهلة من المجموعة التي اتبعت منهجية SPACE . فبالإضافة إلى تقليل حدة أعراض القلق المرضي لدى الأطفال بنفس كفاءة وسائل العلاج التقليدية، قام الآباء والأمهات أيضا بالإبلاغ عن تحسن كبير في علاقتهم مع أطفالهم. الأمر الذي لم يحصل مع المجموعة الأولى التي تلقت العلاج بالطرق التقليدية.    وأضاف ليبوفيتش: “كانت نتائج الدراسة التي حصلنا عليها رائعة حقًا، وباختلاف المعايير التي استخدمناه لقياس النتائج، فإن الأطفال الذين تعلم آباؤهم مهارات برنامج  SPACE  تحسنوا بنفس القدر الذي تحسن به الأطفال في المجموعة الأخرى التي حصلت على ١٢ جلسة من جلسات العلاجات التقليدية  مع أفضل المعالجين في المجال. وهذه حقا أمر مذهل” وبالرغم من ذلك، فقد قال ليبوفيتش، لا تزال هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لمعرفة كيف يتم تغيير مسارات الدماغ النفسية لدى الأطفال الذين شارك آباؤهم في SPACE. ونظرًا لنجاح البرنامج ، تعمل المؤلفة المشاركة يارا شمشوني حالياً على تكييف البرنامج  للعمل مع الأطفال الذين يعانون من اضطرابات تجنب الطعام، والتي تؤثر عاداتهم الانتقائية في تناول الطعام على صحتهم. وقالت: “إن التركيز في العلاج الذي طورناه استنادًا إلى برنامج SPACE هو تحديد هذه الاستراتيجيات التكيفية والحد منها بطريقة داعمة ومحبة”. 

الرايط الأصلي للمقال:

https://yaledailynews.com/blog/2019/03/26/new-childhood-anxiety-treatment-focuses-on-the-parents/

إقرأ المزيد

مقالاتنا الأخرى

التربية من عدسة التنظيم الانفعالي

نتلقى كمربين وباستمرار الكثير من النصائح الموجهة لتغيير سلوك أطفالنا. وحتى المحتوى الموجه للمربين اليوم يقع مجمله في نطاق المدارس السلوكية التي تنشغل بتقديم حلول