عقلية النمو

مشاركة المقال:

أول من تحدث عن عقلية النمو هي أستاذة علم نفس من جامعة ستانفورد تدعى كارول دويك. وعقلية النمو تعني ببساطة أننا يمكن أن نتعلم أي شي مع الوقت والجهد ، ومن ضمنها الذكاء، والذي ليس كما نعتقد أنه ثابت وموروث ، بل نحن قادرون على تطوير وتنمية الدماغ إذا كان لدينا سمة شخصية معينة سمتها كارول (عقلية النمو) .

هذه القابلية موجودة عند البشر لنهاية العمر مادام الإنسان على قيد الحياة ويبذل وقتاً وجهداً للتعلم فهو قادر على خلق وصلات عصبية جديدة وأن يقوم بالتطور بشكل مستمر . وهذا يعني أن مقولة (بعدما شاب ودوه الكتاب ) مقولة غير صحيحة .

الأبحاث الجديدة تشير بشكل كبير إلى أن الأشخاص الذين يمتلكون عقلية النمو أيضاً هم أشخاص ناجحون بشكل عام.

ماهي صفات الأشخاص الذين يمتلكون عقلية النمو؟

لنعرف معنى عقلية النمو سنحاول مقارنتها بنقيضها وهي عقلية الثبات. عقلية الثبات هي عقلية تؤمن بأن الذكاء موروث، إما أن أكون ذكياً في الرياضيات أو لا ، إما أن أكون بارعاً في الموسيقى أو لا ، وأن هذا الأمر متعلق بالجينات وأن البشر يتفاوتون في الذكاء ولا نستطيع تغييره. أما عقلية النمو فهي تعني أننا نستطيع تعلم أي مهارة وأن نطور ذكاءنا إذا وضعنا الوقت والجهد في التعلم .

طريقة التعامل مع الفشل ، الأشخاص ذوي عقلية الثبات لا يستطيعون التعامل مع الفشل بشكل إيجابي وعندما يفشلون يكون من الصعب تقبل هذا الفشل وقد يكسرهم ويجعلهم ينسحبون. أما أصحاب عقلية النمو ينظرون للفشل على أنه فرصة للتعلم وخطوة أقرب لتعلم هذه المهارة، ويستعلمون كلمة (لغاية الآن) ، أنا لا أستطيع فعلها لغاية الآن ، وهذا يدرب المخ على إعادة المحاولة مرة بعد مرة . الفشل ليس نهاية الطريق ولكن خطوة أقرب إلى تحقيق الهدف.

التعامل مع النقد، عقلية الثبات لا يحسنون التعامل مع النقد ، عندما ينتقد أحد عملهم يأخذون الأمر بشكل شخصي. في عقلية النمو ، النقد يؤخذ بشكل إيجابي، عندما ينتقده أحد يستطيع النظر للأمر بشكل موضوعي ، ويعتبره فرصة للتحسين .

التركيز على النتيجة ، أصحاب عقلية الثبات يركزون على النتيجة النهائية : الحصول على امتياز مثلاً في امتحان مدرسي ، حتى لو كان بالغش أو بعدم فهم للمادة نفسها . أما أصحاب عقلية النمو فهو يركزون على الرحلة ، كيف يصلون لهذا الهدف، مالذي تعلموه ؟ وكيف اكتسبوا مهارات جديدة خلال هذا الوقت هذا هو الهدف وليس النتيجة .

ولأن أصحاب عقلية الثبات يركزون دوماً على النتائج ولا تهمهم الطريقة ، نجدهم يفضلون استخدام أقصر وأسهل الطرق، أو المهمات الأسهل. أما أصحاب عقلية النمو فدائماً يرحبون بالتحديات الجديدة ، عندما نعطيهم شيء جديد لم يجربوه من قبل وشيء اعتادوا القيام به ، فهم سيفضلون دوماً الشيء الجديد الصعب لأنهم يستمتعون بالتحدي.

مثال: يوجد دائماً تحديات قراءة للأطفال ، ونريد تشجيع أطفالنا على القراءة أكثر.ونلاحظ أن الطفل الذي لديه عقلية الثبات يبحث عن الكتب السريعة ذات الجمل القصيرة والسهلة ليخبر أمه بأنه أنهى عشرون كتاباً، وهذه الكتب قد تكون أقل من مستواه اللغوي لكن هدفه النهائي هو أن يجعل الأم منبهرة بالعدد.

الطفل الذي يريد تعلم القراءة ويستمتع بالقراءة سيبحث عن كتاب جديد لم يقرأه من قبل ، كتاب بصور جديدة وحبكة جديدة ومثير لاهتمامه ولا يهمه عدد الكتب التي يقرؤها ، ولكن يهمه أنه تحدى نفسه وأنجز شيئاً جديداً . 

كيف أستطيع زراعة هذي السمة الشخصية في أطفالي؟

  • أشرح للطفل بشكل مبسط : عندما نفعل شيئاً صعباً هناك أجزاء معينة من أدمغتنا تكبر وتنمو. هناك كتب كثيرة موجهة للأطفال تشرح تركيبة الدماغ وماذا يحدث عندما أحاول وأستصعب مهمة مهمة معينة مثل نط الحبل أو مسألة رياضية، وكيف يؤثر هذا على أدمغتهنا.وليكن هذا جزء من معارفهم العامة.
  • أنتبه للطريقة التي أتكلم بها مع أطفالي: بدلاً من التركيز على النتائج ، أركز على العملية. بدلاً من قول : أنت شاطر ، أنت ذكي ، أنت مجتهد ، هذه الكلمات كلها تشجع عقلية الثبات لأنني ركزت في تحفيزه وتشجيعه على نتائج معينة . ماذا أفعل كبديل ؟ التركيز على العملية بغض النظر عن النتيجة التي وصل إليها ، سواء استطاع فتح العلبة التي كان يحاول فتحها أو أتقن القفزة أو لا . المهم هي العملية والمجهود المبذول ونستخدم كلمات مثل : لقد أحببت طريقتك في تحديد المشكلة ، أعجبني تنظيمك لأفكارك ، أحببت تغييرك للطريقة عندما لم تنجح معك ، أعجبني طلبك للمساعدة من معلمتك عندما لم تستطع حل الواجب ، أعجبنتني طريقتك في العمل مع مجموعة. ما أريد هو الثناء على مهاراته في تفكيك المشكلة وإيجاد حلول بدون التركيز على النتائج . لأن الطفل سيعتاد على أن هذه الطريقة في حل المشكلات وبالتي يكتسب هذه المهارة ، وعندما يواجه أي صعوبات في الدراسة أو العلاقات أو العمل سوف يطبق نفس المنظور ، تحليل المشكلة بطريقة مختلفة والنظر بمنظور مختلف.

هذا الكلام هو رؤوس أقلام ، ولكن لايوجد أحد في الكلام يستطيع تحفيظكم جميع الجمل والكلمات والتصرفات وردود الأفعال التي تستطيعون استخدامها في كل موقف مع أطفالكم لتعزيز عقلية النمو، والحل الوحيد هو لتعليم أطفالنا أي شيء هو أن نتعلمه أولاً. إذا كنت أريد من اطفالي أن يأكلوا الطعام الصحي، يجب أن أبدأ بالأكل الصحي . وليس أمامهم فقط بل يجب أن أمتلك هذا الحس والرغبة في التغيير وأجعله جزء من حياتي . وعندما يرى ابني وابنتي ما آكله ، حتى لو استمر هذا الشيء لعام أو اثنين دون أن يتأثروا ، هذا الأمر سيكون مغروساً في وعيهم ولا وعيهم. إذا كنت أود منهم أن يمارسوا الرياضة ويعيشون حياة صحية يجب أن ابدأ بذلك أولاً .لكن الكلام لنظري لا ينجح دائماً مع الأطفال. ولكي أمرر هذه السمة الشخصي – عقلية النمو – يجب أن يكون لدي أنا شخصياً هذه العقلية، أن أدرب نفسي وأمر بهذا التغيير ، وأبحث ماهي الأشياء الصعبة علي ، ماهي الأشياء السهلة ، وأكتسب مهارات في طريقي للتحول إلى هذه العقلية تجعلني أستطيع التعامل مع المواقف التي تمر بأطفالي لأن هذه العقلية فعلاً جزء من شخصيتي .كل فرصة مع ابني ستكون فرصة للتعلم ، تعلمهم مني لا كتساب هذه السمة الشخصية.

قد تقرأ هذا الكلام كمربي وتقول نعم من السهل ألا أفكر بالنتائج ، ولا أفكر بالأمور بشكل شخصي ، ولا أخاف من الفشل. لكن الأمر صعب جداً جداً ، لأن المجتمع الذي نعيش فيه والطريقة التي تربينا عليها ، والنظام الدراسي والحوافز في العمل والاعتبارات الاجتماعية ، كلها مبنية على عقلية الثبات، لذلك نحتاج للعمل على أنفسنا أولاً . 

كيف ؟

أعرف ما هي عقلية النمو، أقرأ عنها بشكل اكبر ، أعرف ماذا يحدث في دماغي، كيف أكتسب هذه المهارات وكيف يتغير دماغي عندما تتغير طريقة تفكيري .

مثال :

تعليق في صفحة تربوية من أم تكتب : أنا أقرأ هذه الصفحات وكلما يحدث هو أنني أشعر بالذنب أكثر وبالفشل كأم أكثر.

عندما نقرأ هذه الجملة نتحدث عن عقلية الثبات أم النمو ؟ عقلية الثبات بالطبع ! هذه الأم وجدت معلومة جديدة أمامها وأول ما تبادر لذهنها أو أن الأمر صعب جداً، وأنها إنسانة عصبية من الأساس وأنها لن تستطيع تغيير نفسها وأن تكون أهدأ ، وأخذت الموضوع بشكل شخصي مع أن المعلومة التي قرأتها موجهة لعامة الناس وليس لها شخصياً .

الهدف ليس انتقاد هذه النوعية من الأمهات، أنا أفهم أننا جميعاً تربينا بهذه الطريقة ، وجميعنا لدينا جوانب لم نستطع بعد تغييرها، ولذلك أقول أن التغيير إلى عقلية النمو هو شيء صعب . والأشخاص الذين لديهم خوف من الأشياء الجديدة ، وخوف من المحاولة وكسر الحواجز والخروج من منطقة الراحة هو شيء مخيف ويحتاج صلابة وقوة ولكن ليس مستحيلاً.

في العادة أغلب الناس لديهم النوعية جزء من عقلية الثبات وجزء من عقلية النمو ، ويرتدون النظارتين ، بعض المواقف يرون بنظارة عقلية النمو ومواقف أخرى بنظارة عقلية الثبات . الهدف هو زيادة فترات عقلية النمو في حياتنا، كلما مر الوقت وأنا أمارس عقلية النمو وأنتبه لأفكاري عندما أنتقد نفسي وألومها ، مع الوقت تبدأ ساعات نظارة النمو تصبح أطول من النظارة الأخرى، ومع الوقت ومع تحولي لهذا الوعي ، سيكتسب مني أطفالي هذه السمة ، وربما تكتشف بعض الأمهات منا طرقاً إبداعية جديدة لتمرير هذه الأفكار لم يكطتشفها أحد من قبل ، هذه الأشياء ليست حكراً على أحد ، هناك إنسان يستسلم ويؤمن بأن الأمر صعب وآخر يحاول ويحاول ويحاول. 

إقرأ المزيد

مقالاتنا الأخرى

التربية من عدسة التنظيم الانفعالي

نتلقى كمربين وباستمرار الكثير من النصائح الموجهة لتغيير سلوك أطفالنا. وحتى المحتوى الموجه للمربين اليوم يقع مجمله في نطاق المدارس السلوكية التي تنشغل بتقديم حلول