اللعب الحر كيف؟ وأين؟ ولماذا؟

مشاركة المقال:

ينبغي أن أنوه في البداية وقبل أن أذكر أنواع اللعب الحر وفوائدة إلى أن اللعب الحر لا يعني في أي حال انعدام الحاجة إلى النشاط الممنهج، لكنّ هناك توجهًا كبيرًا في وقتنا الحالي نحو تعظيم الأنشطة المننهجة والقليل من التركيز على اللعب الحر، لذلك وجدت التركيز على هذا الجانب أمرًا ضروريَا.

إن النشاط الممنهج المعد مسبقاً هو نوع مفيد من أنواع اللعب مع أطفالنا، لكنه ليس بأهمية اللعب الحر، وأعني هنا اللعب من دون قواعد أو توجيه أو تدخل من الأهل، حيث يمتلك الطفل الخيار ويتبع ميوله ورغباته ويستكشف ما حوله.

ومن بين كل أنواع اللعب الحر يعد اللعب برفقة المربين من أفضلهم، إذ يشعر الطفل أن هنالك شخصًا بالغًا يحبه ويلعب معه من دون توجيهات أو أوامر، بينما يكون هو مشغولًا بالاستكشاف واتباع فضوله. من المهم بالنسبة إلى الطفل أن يحصل على التشجيع والحماس من المربي، وأن يرى أن لديه الفضول للدخول إلى عالمه. في الواقع، هناك توجه كبير من جانب المتخصصين في علم نفس الطفل وطب الأطفال إلى تشجيع المربين على تخصيص وقت للعب الحر مع أطفالهم، إذ أن الأطفال أصبحوا يعانون ضغطًا كبيرًا بسبب تغير نمط الحياة وازدياد المتطلبات وارتفاع توقعات الوالدين والأسرة؛ فصاروا مطالبين بتعلم مهارات كثيرة، من دون أن يحظوا بمساحة ووقت مخصصين لممارسة الشيء المهم والفطري جدًا، وأعني هنا اللعب الحر.

فوائد اللعب الحر برفقة المربين كثيرة بحسب الدراسات والأبحاث، منها:

  1. بناء المهارات: يساعد وجود المربي في وقت اللعب الحر الأطفال في بناء مهارات مختلفة تماماً عن المهارات التي يبنونها في وقت اللعب المنظم.
  2. تقليل التوتر وتقوية العلاقة مع المربي؛ إذ يحظى الأطفال بمزيد من التواصل مع ذويه
  3. يحقق الأطفال الذين يقضون وقتًا منتظمًا من اللعب أهاليهم نتائج أفضل على الصعيد الأكاديمي في المستقبل، كما تعد نسبة التصرفات العنيفة الصادرة عنهم أقل.
  4. الاستقلال الذاتي: يتمتع الطفل المشبع عاطفياً بقدرة أكبر على بناء انضباط ذاتي

وتركز الدراسات على أهمية نمطين من اللعب الحر برفقة المربين:

  1. اللعب التخيلي:

لعب الأدوار مع الطفل: من المهم أن يكون لدى الطفل مساحة لهذا النوع من اللعب لتنمية خياله.

  1. اللعب الخشن:

أي اللعب الذي يتضمن صراعًا مع الطفل. يتخوف كثير من المربين من هذا النوع من اللعب، لكن الدراسات أثبتت أنه ضروري جداً للأطفال ويساعدهم في تنمية قدراتهم الجسدية إضافة إلى تنمية ثقتهم في أنفسهم.

لنأخذ مثلًا أشبال الأسود الذين نراهم في الأفلام الوثائقية الذين يبدون طوال الوقت مشغولين في الصراع مع بعضهم في حضور الأم اللبوة أو الأب الأسد لكنهم رغم حدة أسنانهم لا يجرحون بعضهم. إن التدريب على التمارين القتالية مهم، إذ أنه يساعدهم في إدراك قدراتهم ،كما من شأنه أن يجعلهم قادرين على تمييز الزمان المناسب للتوقف إضافة إلى مواضع الألم.

الطفل لا يعرف هذه الحدود، لذلك من الضروري أن يختبرها في مساحة آمنة مع المربي، فالطفل يرغب في خوض تجربة الضرب والقتال، لكن إذا لم يوفر له المربي هذه الفرصة في حضوره وبتوجيهاته وإرشاداته، لن يكتشف الحدود التي عليه أن يتوقف عندها، وستستمر هذه الرغبة الداخلية، ليمارسها على إخوته والأطفال الآخرين من حوله، لكن لعبه مع المربي سيعلمه كيف يضبط نفسه ويلعب من دون أن يؤذي الآخرين.

مصدر هذا الكلام كتاب مهم جداً اسمه(playful parenting) ، ستجدون فيه أمثلة جميلة جداً تساعدكم في استخدام طاقة اللعب لتطوير مهارات كثيرة عند أطفالكم.هناك أيضًا أجزاء من هذا الكتاب تساعد الأطفال في تجاوز صعوبات التعلم، وفرط النشاط، وبإمكانكم مشاهدة مراجعتي للكتاب على قناتي في موقع يوتيوب.

أما نحن في منهجية التنشئة عبر التواصل فلدينا أداة مهمة هي أداة الانصات المرح التي تساعدنا عند اتقانها على إضافة المزيد من المرح وروح الدعابة لعلاقتنا مع أبنائنا وتساعدنا على تجاوز الكثير من التحديات بطريقة مرحة ومبهجة بدلاً من التوتر والصراعات،

الإنصات المرح  يعني إعطاء دفة القيادة للأطفال، يعني أن نلاحظ ما يضحك أطفالنا بشكل طبيعي ومن غير إجبار، خاصة عن طريق الدغدغة، يمكنم الاطلاع على فيديو إشكالات الدغدغة للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع

كل ماعليكم عمله هو أن تتركوا لأطفالكم الحرية في تبني الدور الأقوى في اللعب. يمكنهم مثلاً وضع أشياء على رؤسكم بصورة هزلية، والابتعاد عنكم وهم يتصنعون الخوف أو الاندهاش.. يمكنهم الصعود على ظهوركم بينما تتسائلون بحيرة عن ذلك الشئ الثقيل الذي ظهر فجأة على ظهوركم، وتتصنعون الدهشة وانتم تتلفتون يمنة ويسره من دون جدوى.

يبدأ الإنصات المرح عندما تلاحظون ما يضحك أطفالكم، وتكررون هذه المواقف أو الكلمات المضحكة بشكل يشجعهم على الاستمرار في الضحك. الضحك يلبي حاجة ماسة للتواصل. وغالباً ما تتضمن هذه الأداة الكثير من الركض، والتسلق والمصارعة والقفز، وهي أنشطة تبني الثقة لدى الأطفال، وتنمي قدراتهم على التنسيق الحركي، وتوسع معرفتهم بأنفسهم وبكم.

الإنصات المرح يساعد الأطفال في التغلب على الخجل والمخاوف المختلفة. فهم يفرغون طاقة كبيرة أثناء اللعب الخشن أو المصارعة والضحك المترافق معهم، وينفسون في الوقت نفسه عن المخاوف العميقة التي يختزنوها  في أعماقهم، يمكن أثناء  اللعب أن يرتطموا بشيء يدفعهم للبكاء أو المرور بنوبة غضب، أو قد يحدث ذلك عندما تعلنون عن انتهاء الوقت. اسمحوا لهم بالاعتراض وباختبار مشاعر الضيق. فهم في هذه اللحظات يقومون بتوظيف الاهتمام الذي منحتموهم إياه خلال وقت اللعب وباستخدام المحفزات الصغيرة التي دفعتهم للبكاء، للتشافي من أعمق مخاوفهم.

إنصاتكم واحتواؤكم لهم يبني ثقتهم مع الوقت.

ستجدون المزيد من المعلومات والتطبيقات حول هذه الأداة عند تحميلكم للملف المجاني “37 لعبة من أجل تربية مرحة”  

إقرأ المزيد

مقالاتنا الأخرى

التربية من عدسة التنظيم الانفعالي

نتلقى كمربين وباستمرار الكثير من النصائح الموجهة لتغيير سلوك أطفالنا. وحتى المحتوى الموجه للمربين اليوم يقع مجمله في نطاق المدارس السلوكية التي تنشغل بتقديم حلول